سورة الذاريات - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الذاريات)


        


{قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ}، أي كما قلنا لك قال ربك إنك ستلدين غلامًا، {إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ}.
{قَالَ} يعني إبراهيم {فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ}. {قَالُوا إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ}، يعني: قوم لوط.
{لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً}، معلّمة، {عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ}، قال ابن عباس: للمشركين، والشرك أسرف الذنوب وأعظمها.
{فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا}، أي: في قرى قوم لوط، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وذلك قوله: {فأسر بأهلك بقطع من الليل} [هود- 81].
{فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ}، أي غير أهل بيت، {مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، يعني لوطًا وابنتيه، وصفهم الله تعالى بالإيمان والإسلام جميعًا لأنه ما من مؤمن إلا وهو مسلم.
{وَتَرَكْنَا فِيهَا}، أي في مدينة قوم لوط، {آيَةً}، عبرة، {لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الألِيمَ}، أي: علامة للخائفين تدلهم على أن الله تعالى أهلكهم فيخافون مثل عذابهم.


{وَفِي مُوسَى}، أي: وتركنا في إرسال موسى آية وعبرة. وقيل: هو معطوف على قوله: {وفي الأرض آيات للموقنين}، {وفي موسى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ}، بحجة ظاهرة.
{فَتَوَلَّى}، فأعرض وأدبر عن الإيمان، {بِرُكْنِهِ}، أي بجمعه وجنوده الذين كانوا يتقوى بهم، كالركن الذي يقوى به البنيان، نظيره: {أو آوي إلى ركن شديد} [هود- 80]، {وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}، قال أبو عبيدة: {أو} بمعنى الواو.
{فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ}، أغرقناهم فيه، {وَهُوَ مُلِيمٌ} أي: آت بما يلام عليه من دعوى الربوبية وتكذيب الرسول.
{وَفِي عَادٍ}، أي: وفي إهلاك عاد أيضًا آية، {إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}، وهي التي لا خير فيها ولا بركة ولا تلقح شجرًا ولا تحمل مطرًا.
{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ}، من أنفسهم وأنعامهم وأموالهم، {إِلا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}، كالشيء الهالك البالي، وهو نبات الأرض إذا يبس وَدِيسَ. قال مجاهد: كالتبن اليابس. قال قتادة: كرميم الشجر. قال أبو العالية: كالتراب المدقوق. وقيل: أصله من العظم البالي.
{وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ}، يعني وقت فناء آجالهم، وذلك أنهم لما عقروا الناقة قيل لهم: تمتعوا ثلاثة أيام.
{فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}، يعني بعد مضي الأيام الثلاثة، وهي الموت في قول ابن عباس، قال مقاتل: يعني العذاب، و{الصاعقة}: كل عذاب مهلك، وقرأ الكسائي: {الصعقة}، وهي الصوت الذي يكون من الصاعقة، {وَهُمْ يَنْظُرُونَ}، يرون ذلك عيانًا.
{فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ}، فما قاموا بعد نزول العذاب بهم ولا قدروا على نهوض. قال قتادة: لم ينهضوا من تلك الصرعة، {وَمَا كَانُوا مُنْتَصِرِينَ}، ممتنعين مِنَّا. قال قتادة: ما كانت عندهم قوة يمتنعون بها من الله.


{وَقَوْمَ نُوحٍ}، قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي: {وقوم} بجر الميم، أي: وفي قوم نوح، وقرأ الآخرون بنصبها بالحمل على المعنى، وهو أن قوله: {فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم}، معناه: أغرقناهم وأغرقنا قوم نوح. {مِنْ قَبْلُ}، أي: من قبل هؤلاء، وهم عاد وثمود وقوم فرعون. {إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}.
{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ}، بقوة وقدرة، {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: قادرون. وعنه أيضًا: لموسعون الرزق على خلقنا. وقيل: ذو سعة. قال الضحاك: أغنياء، دليله: قوله عز وجل: {على الموسع قدره} [البقرة- 236]، قال الحسن: مطيقون.
{وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا}، بسطناها ومهدناها لكم، {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}، الباسطون نحن: قال ابن عباس: نعم ما وَطَّأتُ لعبادي.
{وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ}، صنفين ونوعين مختلفين كالسماء والأرض، والشمس والقمر، والليل والنهار، والبر والبحر، والسهل والجبل، والشتاء والصيف، والجن والإنس، والذكر والأنثى، والنور والظلمة، والإيمان والكفر، والسعادة والشقاوة، والحق والباطل، والحلو والمر. {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}، فتعلمون أن خالق الأزواج فرد.
{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ}، فاهربوا من عذاب الله إلى ثوابه، بالإيمان والطاعة. قال ابن عباس: فروا منه إليه واعملوا بطاعته. وقال سهل بن عبد الله: فروا مما سوى الله إلى الله، {إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ}.
{كَذَلِكَ}، أي: كما كذبك قومك وقالوا ساحر أو مجنون كذلك، {مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} من قبل كفار مكة، {مِنْ رَسُولٍ إِلا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ}.

1 | 2 | 3 | 4